Monday, October 26, 2009

المواقع الإلكترونية السورية مشروعات تحت "عصا" الحكومة لغياب قانون يحميها

الإعلام الخاص في سوريا..جملةٌ حلم بها الكثير من الصحفيين السوريين، ورددوها حتى أصبحت أحد أهم مشروعاتهم وشعاراتهم، بل أن هذه الجملة دفعت ببعض الصحفيين الذين يعملون بالخارج إلى ترك عملهم ليعودوا إلى الوطن، متأملين بوضع حجر الأساس لحلمهم "الصحفي" على أرض الواقع.





لكن حلم الصحفيين والإعلاميين السوريين و خاصة لصعوبة الحصول على ترخيص لمطبوعة سياسية خاصة، ليتحول الإعلام الخاص إلى "اجتماعي، ثقافي، اقتصادي، منوع..إعلاني"، الذي لم يسلم بدوره، خاصة عندما حاول الخروج عن ذلك قليلاً كصحيفتي "الدومري" و"المبكي" اللتان تعرضتا للإغلاق وسحب الترخيص، وحجب أعداد من عدة صحف ومجلات أخرى، مما دفع بالكثير إلى اللجوء لشبكة الانترنت، ربما قاصدين الهروب من قانون المطبوعات وناشدين الوصول الأكبر والأوسع إلى الجمهور، ليجعلنا ذلك نشهد ظهور عددٍ من المواقع الالكترونية الإخبارية، التي أصبح بعضها أحد أهم المواقع العربية، ومصدراً مهماً للأخبار عند القراء داخل وخارج سوريا.


عشرات بل ربما مئات من "التجارب الالكترونية الإعلامية"، التي كانت "سوريا أو شام أو دمشق" ضمن عناوينها، لم يستطع بعضها الصمود والاستمرار لأسباب مالية أو أمنية، وبعضها أخذ بالتطور والتوسع لتأخذ عنه أشهر المحطات العربية والعالمية، وليؤمن فرص عمل للصحفيين الجدد، الذين لم تعد تستطيع صحفنا الرسمية الثلاث وتفرعاتها استيعابهم.



مخالفات عند البعض..وحرية عند البعض الآخر!!


إلا أن بعض المتابعين للشأن الإعلامي اعتبروا أن تلك المواقع مخالفة للقانون بحكم غياب ما يسمى "بالترخيص" أو "الموافقات" المختلفة التي اعتدنا عليها، والبعض الآخر اعتبر ان تلك المواقع ستبقى تحت عصا الحكومة بحكم غياب الصيغة التي تنظم عملها، إذ أن تلك المواقع لم تسلم من أن تطالها يد الحكومة بكافة أجهزتها، حيث تستطيع الدولة حجب أي موقع، كما تهدم أي بلدية بناء مخالفاً، مثل ما حدث مع موقع "شام برس" وعودته، وحجب موقع "سيريا نيوز" وعودته،وغياب موقع "مرآة سورية" و عدم عودته إلخ....


من جهتهم أصحاب المواقع الالكترونية رؤوا غير ذلك، فعملهم "هو تعبيرٌ عن الحريات التي أتاحتها العولمة للناس عدا عن أن وجود هذه المواقع هو جزء من التطور التقني العالمي الذي فرضه عصرنا"، حسب ما قالت مديرة تحرير موقع "الجمل" الالكتروني سعاد جروس، ورأت أن المواقع بما تحتويه هي من حق الناس وأنها لا تعتقد بأن المواقع الالكترونية على شبكة الانترنيت هي من المخالفات، وأن عملية حجب بعض المواقع هو عبارة عن موقف سياسي تعبر عنه الحكومة، لافتتاً إلى أن هذا الأمر خاطىء لأنه يفرض وصاية على عقول الناس.


فيما رأى المهندس نديم الجابي مدير موقع "الكرة السورية" الالكتروني وهو موقع من ضمن شبكة مواقع "سيريا نوبلز" أن عدم وجود قانون ينظم عمل النشر الالكتروني، لا يعني أن هذه المواقع مخالفة أو غير شرعية، وأن ما ساعد على انتشار هذه المواقع هو سهولة ويسر تكلفة نشر المعلومة، بالإضافة إلى رخص الاتصالات من خلال المنافسة لتقديم خدمة أسرع، إضافةً إلى أن العالم أصبح مكشوفا على بعضه و لا يمكن أن تستمر سوريا بالعمل وفق سياسة التعتيم.



عملها غير أخلاقي أو مهني


إلا أن أحد الإعلاميين المعروفين وصاحب موقع الكتروني، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، رأى أنه رغم الانتشار الذي تحققه هذه المواقع إلا أنها غير أخلاقية "مهنيا" لأنها تقوم على أخذ الأخبار من مواقع صحف ووكالات تدفع مالاً للحصول على الخبر لتعيد تحريره وتنشره مجاناً، وهذا خطأ مهني كبير، حتى أن بعض المواقع السورية الشهيرة لا تشير إلى المصدر الذي أخذ منه الخبر، وأضاف أن هناك بعض المواقع غير الجادة، والتي تلفق أخباراً غير صحيحة، أو تنشر أخبار تمس بمصلحة الدولة، تؤثر على الإعلام السوري عامةً والمواقع السورية، وعند تعرضها للمساءلة يروج للمسألة على أنها قمع لحرية الإعلام، مع أنهم المخطئين.



وصولها أسرع ووسيلة صلة مع الوطن


ورغم ما يقال عن المستوى المهني للمواقع الإلكترونية في سوريا و ما يمكن أن تطرحه من قضايا، و مدى جديتها، وكذلك عن الجهات "الداعمة"، والتي تشكل "حمايات" لتلك المواقع، وكذلك رغم غياب أي قانون ينظم عملها قد وصفها أحد الصحفيين بـ"المخالفات" الجميلة التي لا تحتاج أبدا إلى ورشة هدم، لا بل إلى دعم حقيقي من قبل القائمين على الإعلام، خاصة لأنها استطاعت أن تصل إلى السوريين في كل مكان من العالم حسب ريم الخضر مديرة موقع "داماس بوست"، التي اعتبرت أنها فتحت آفاقا جديدة للإعلام في سوريا، وتضيف الخضر أن المخالفات الحقيقية في هذه المواقع تتعلق بمحتوى المواد في تلك المواقع و الذي يؤخذ من الصحف ، وذلك لضعف الموارد المالية لها، إلا أن الدولة يجب أن ترى الوجه الإيجابي لهذه المواقع والذي يطغى على السلبي، حيث أنها أصبحت صلة الوصل بين السوري في الخارج ووطنه الأم، كما أنها طريقة أسرع لإيصال الأخبار و المشاكل للمعنيين، وتبقي المواطن على إطلاع مستمر طوال اليوم، لما تمتاز به من تحديث فوري، ووجود التفاعل المباشر مع القراء عن طريق التعليقات المباشرة.


وتختم الخضر كلامها بأن بعض المواقع أصبحت تتحول إلى تجارية عن طريق كميات الإعلان الكبيرة، مما أثر على سمعتها وسمعة باقي المواقع، مشيرةً إلى أنه لنجاح موقع إخباري عليه أن يكون معتدلاً فلا يجب أن يكون بوقاً لا للمعارضة ولا للحكومة، ولا للمعلنين والتجار، إلا أن الوضع المالي يتطلب ذلك أحياناً لضمان الاستمرار.


وجود المواقع الإلكترونية في سوريا أمر ما زال محور جدل بين الأوساط الإعلامية التي ترى ضرورة وجود صيغة تحكم عملها، وكذلك عمل العاملين فيها من الصحفيين والتقنيين، وبين أصحاب المواقع والجهات الرسمية أو غير الرسمية التي تصر على أنها غير "قانونية"، مما جعل مسألة حل هذا الخلاف يعتد على مجموعة حلول أخرى يفرضها الطرف الأقوى.




راما الجرمقاني

No comments:

Post a Comment