Monday, October 26, 2009

المواقع الإلكترونية السورية مشروعات تحت "عصا" الحكومة لغياب قانون يحميها

الإعلام الخاص في سوريا..جملةٌ حلم بها الكثير من الصحفيين السوريين، ورددوها حتى أصبحت أحد أهم مشروعاتهم وشعاراتهم، بل أن هذه الجملة دفعت ببعض الصحفيين الذين يعملون بالخارج إلى ترك عملهم ليعودوا إلى الوطن، متأملين بوضع حجر الأساس لحلمهم "الصحفي" على أرض الواقع.





لكن حلم الصحفيين والإعلاميين السوريين و خاصة لصعوبة الحصول على ترخيص لمطبوعة سياسية خاصة، ليتحول الإعلام الخاص إلى "اجتماعي، ثقافي، اقتصادي، منوع..إعلاني"، الذي لم يسلم بدوره، خاصة عندما حاول الخروج عن ذلك قليلاً كصحيفتي "الدومري" و"المبكي" اللتان تعرضتا للإغلاق وسحب الترخيص، وحجب أعداد من عدة صحف ومجلات أخرى، مما دفع بالكثير إلى اللجوء لشبكة الانترنت، ربما قاصدين الهروب من قانون المطبوعات وناشدين الوصول الأكبر والأوسع إلى الجمهور، ليجعلنا ذلك نشهد ظهور عددٍ من المواقع الالكترونية الإخبارية، التي أصبح بعضها أحد أهم المواقع العربية، ومصدراً مهماً للأخبار عند القراء داخل وخارج سوريا.


عشرات بل ربما مئات من "التجارب الالكترونية الإعلامية"، التي كانت "سوريا أو شام أو دمشق" ضمن عناوينها، لم يستطع بعضها الصمود والاستمرار لأسباب مالية أو أمنية، وبعضها أخذ بالتطور والتوسع لتأخذ عنه أشهر المحطات العربية والعالمية، وليؤمن فرص عمل للصحفيين الجدد، الذين لم تعد تستطيع صحفنا الرسمية الثلاث وتفرعاتها استيعابهم.



مخالفات عند البعض..وحرية عند البعض الآخر!!


إلا أن بعض المتابعين للشأن الإعلامي اعتبروا أن تلك المواقع مخالفة للقانون بحكم غياب ما يسمى "بالترخيص" أو "الموافقات" المختلفة التي اعتدنا عليها، والبعض الآخر اعتبر ان تلك المواقع ستبقى تحت عصا الحكومة بحكم غياب الصيغة التي تنظم عملها، إذ أن تلك المواقع لم تسلم من أن تطالها يد الحكومة بكافة أجهزتها، حيث تستطيع الدولة حجب أي موقع، كما تهدم أي بلدية بناء مخالفاً، مثل ما حدث مع موقع "شام برس" وعودته، وحجب موقع "سيريا نيوز" وعودته،وغياب موقع "مرآة سورية" و عدم عودته إلخ....


من جهتهم أصحاب المواقع الالكترونية رؤوا غير ذلك، فعملهم "هو تعبيرٌ عن الحريات التي أتاحتها العولمة للناس عدا عن أن وجود هذه المواقع هو جزء من التطور التقني العالمي الذي فرضه عصرنا"، حسب ما قالت مديرة تحرير موقع "الجمل" الالكتروني سعاد جروس، ورأت أن المواقع بما تحتويه هي من حق الناس وأنها لا تعتقد بأن المواقع الالكترونية على شبكة الانترنيت هي من المخالفات، وأن عملية حجب بعض المواقع هو عبارة عن موقف سياسي تعبر عنه الحكومة، لافتتاً إلى أن هذا الأمر خاطىء لأنه يفرض وصاية على عقول الناس.


فيما رأى المهندس نديم الجابي مدير موقع "الكرة السورية" الالكتروني وهو موقع من ضمن شبكة مواقع "سيريا نوبلز" أن عدم وجود قانون ينظم عمل النشر الالكتروني، لا يعني أن هذه المواقع مخالفة أو غير شرعية، وأن ما ساعد على انتشار هذه المواقع هو سهولة ويسر تكلفة نشر المعلومة، بالإضافة إلى رخص الاتصالات من خلال المنافسة لتقديم خدمة أسرع، إضافةً إلى أن العالم أصبح مكشوفا على بعضه و لا يمكن أن تستمر سوريا بالعمل وفق سياسة التعتيم.



عملها غير أخلاقي أو مهني


إلا أن أحد الإعلاميين المعروفين وصاحب موقع الكتروني، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، رأى أنه رغم الانتشار الذي تحققه هذه المواقع إلا أنها غير أخلاقية "مهنيا" لأنها تقوم على أخذ الأخبار من مواقع صحف ووكالات تدفع مالاً للحصول على الخبر لتعيد تحريره وتنشره مجاناً، وهذا خطأ مهني كبير، حتى أن بعض المواقع السورية الشهيرة لا تشير إلى المصدر الذي أخذ منه الخبر، وأضاف أن هناك بعض المواقع غير الجادة، والتي تلفق أخباراً غير صحيحة، أو تنشر أخبار تمس بمصلحة الدولة، تؤثر على الإعلام السوري عامةً والمواقع السورية، وعند تعرضها للمساءلة يروج للمسألة على أنها قمع لحرية الإعلام، مع أنهم المخطئين.



وصولها أسرع ووسيلة صلة مع الوطن


ورغم ما يقال عن المستوى المهني للمواقع الإلكترونية في سوريا و ما يمكن أن تطرحه من قضايا، و مدى جديتها، وكذلك عن الجهات "الداعمة"، والتي تشكل "حمايات" لتلك المواقع، وكذلك رغم غياب أي قانون ينظم عملها قد وصفها أحد الصحفيين بـ"المخالفات" الجميلة التي لا تحتاج أبدا إلى ورشة هدم، لا بل إلى دعم حقيقي من قبل القائمين على الإعلام، خاصة لأنها استطاعت أن تصل إلى السوريين في كل مكان من العالم حسب ريم الخضر مديرة موقع "داماس بوست"، التي اعتبرت أنها فتحت آفاقا جديدة للإعلام في سوريا، وتضيف الخضر أن المخالفات الحقيقية في هذه المواقع تتعلق بمحتوى المواد في تلك المواقع و الذي يؤخذ من الصحف ، وذلك لضعف الموارد المالية لها، إلا أن الدولة يجب أن ترى الوجه الإيجابي لهذه المواقع والذي يطغى على السلبي، حيث أنها أصبحت صلة الوصل بين السوري في الخارج ووطنه الأم، كما أنها طريقة أسرع لإيصال الأخبار و المشاكل للمعنيين، وتبقي المواطن على إطلاع مستمر طوال اليوم، لما تمتاز به من تحديث فوري، ووجود التفاعل المباشر مع القراء عن طريق التعليقات المباشرة.


وتختم الخضر كلامها بأن بعض المواقع أصبحت تتحول إلى تجارية عن طريق كميات الإعلان الكبيرة، مما أثر على سمعتها وسمعة باقي المواقع، مشيرةً إلى أنه لنجاح موقع إخباري عليه أن يكون معتدلاً فلا يجب أن يكون بوقاً لا للمعارضة ولا للحكومة، ولا للمعلنين والتجار، إلا أن الوضع المالي يتطلب ذلك أحياناً لضمان الاستمرار.


وجود المواقع الإلكترونية في سوريا أمر ما زال محور جدل بين الأوساط الإعلامية التي ترى ضرورة وجود صيغة تحكم عملها، وكذلك عمل العاملين فيها من الصحفيين والتقنيين، وبين أصحاب المواقع والجهات الرسمية أو غير الرسمية التي تصر على أنها غير "قانونية"، مما جعل مسألة حل هذا الخلاف يعتد على مجموعة حلول أخرى يفرضها الطرف الأقوى.




راما الجرمقاني

Friday, October 23, 2009

العنف الجنسي ضدَّ الأطفال.. أحدٌ ما يقتل الأمل

Mكل عام أقضي أسبوعاً من العطلة الصيفية مع زوجتي وطفلتي البالغة من العمر ست سنوات في اللاذقية، لكن إجازة هذا العام كانت مختلفة كلياً،فقد مارست على طفلتي دورالشرطي والرقيب،لم أسمح لها بالابتعاد لحظة عن ناظري ولم أسمح لها بالذهاب حتى إلى السوبر ماركت المجاور لشراء كيس شيبس بدون مرافقتي أنا أوزوجتي. في الماضي لم أكن حذراً هكذا ولم أكن قلقا ًلهذا الدرجة لكن ما حصل مؤخراً نبهني وحذرني وفتح عيني بأن طفلتي صغيرة وبريئة وبأن في الخارج وحوشاً لاترحم وبأن في مجتمعنا نماذج بشعة كثيرة.
مسكوتاً عنها لانسمع بها إلاعندما يتصيدها الإعلام وتتحول إلى قضية رأي عام ولا أريد لطفلتي أن تكون الضحية التالية التي تتصدر العناوين وتتحول إلى عبرة لمن يبدو أنه لا يعتبر». تلك هي حال «مازن» الموظف في وزارة الاقتصاد والتجارة منذ أن سمع عن قصة الطفلة خولة ذات الأربع سنوات التي كانت ضحية لأربعة شبان تناوبوا على اغتصابها ثم رموها في مكان مهجور ملقين التراب فوقها بعد ظنهم أنها فارقت الحياة. حادثة بشعة لم يمر من الزمن ما يكفي ليمحيها من أذهان السوريين...أثارت ضجة كبيرة وحركت الرأي العام وتصدرت وسائل الإعلام نظراً لتفاصيلها المؤلمة.
- العين تدمع
قصة خولة لم تكن الأولى من نوعها ولا الأخيرة، سبقتها حادثة الطفل ماهر ابن الست سنوات الذي قتل بعد الاعتداء عليه وألقيت جثته في مزرعة، وحادثة الطفلة رقية التي أقدم الجاني على استدراجها بإغوائها بكيس شيبس وقام باغتصابها ثم خنقها ودهس رأسها بقدميه، أما الضحية الأحدث، فهي الطفلة هبة التي وجدت مؤخراً في حالة مزرية بعد تعرضها لاعتداء جنسي في أحد الأحياء الشعبية في مدينة حلب. ما يميز تلك الحوادث عن الأعداد غير المعروفة من الجرائم المشابهة، هي أنها تسربت لوسائل الإعلام أو أن ذوي الضحايا فيها اختاروا أن يحولوا قصتهم إلى قضية رأي عام؛ علّ المأساة لا تتكرر، ولأن الدرس كان قاسياً والثمن في كل مرة كان غالياً، كان يؤمل من تلك الضجة أن تؤتي ثمارها وألا تكون مجرد «جعجعة بلا طحن» فلا يبقى من الحادثة سوى التشهير والألم والذكرى. وهنا يعود دكتور علم الاجتماع في جامعة دمشق مطاع بركات بالزمن إلى عام 1904 عندما تأسست أول جمعية لحماية الأطفال نتيجة اعتداء حصل على طفلة في ولاية أريزونا، يقول بركات «آنذاك لم يكن ثمة جهة تدافع عن الضحية، فلجأ ذووها إلى جمعية الرفق بالحيوان، ما أثار سخط المجتمع المحلي وحرك المحاكم والقضاء والجهات المعنية، فقرورا تأسيس أول جمعية لحماية الطفولة، وهكذا فإن أي حادثة من هذا النوع تشكل صدمة بالنسبة إلى المجتمع، لكن السؤال هو كيف تستثمر هذه الصدمة، البعض يتأثر وينتقد ويعبر عن أسفه واشمئزازه والبعض يرى الأمر مجرد طفرة لا يمكن تعميمها وهنا يأتي دور المختصين والجهات المعنية كي يدرسوا الحالة بكل جوانبها ويعرفوا مدى وجودها في المجتمع».

- معضلة الرقم
هنا تظهر مشكلة أخرى تتمثل في الأرقام، فالعنف الجنسي ضد الأطفال من القضايا المسكوت عنها أو التي لا تلقى اعترافا مجتمعيا بوجودها، وبالتالي البحث عن حلول لها وفي هذا السياق تؤكد كندا شماط الأستاذة في كلية الحقوق في جامعة دمشق والناشطة في مجال حقوق المرأة والطفل، عدم وجود أي إحصاءات رسمية في وزارة العدل أو المكتب المركزي للإحصاء حول هذا الموضوع، وحتى الجهود الفردية والشخصية هي غير كافية، لأنها لا تكون على المستوى المطلوب وغالباً ما تواجه صعوبات كبيرة تتمثل في ثقافة الخوف والتستر السائدة وعدم تعاون الجهات المعنية.ولعل أهم الدراسات التي يمكن الاستناد إليها هي دراسة الهيئة السورية لشؤون الأسرة التي نشرت تقريرها بنهاية العام 2008 حول سوء معاملة الطفل وفي أحد جوانبه العنف الجنسي، حيث بينت الدراسة أن 33 % من الأطفال الذين شملتهم العينة تعرضوا لعنف جنسي، وهذا يؤكد – بحسب شماط - أنه عندما تسعى جهة حكومية لكي تضع يدها على مشكلة ما، فهي قادرة على توصيفها وإظهارها على حقيقتها، بغض النظر عن كل الصعوبات والعقبات، مشيرة إلى أن موضوع الاستغلال الجنسي للأطفال شأنه شأن كل المواضيع الاجتماعية كجرائم الشرف ومشاكل المرأة مع قانون الأحوال الشخصية التي لم تكن قيد التداول، سابقاً لكن الحال تغيرت خلال السنوات القليلة الماضية وبدأ مؤخراً الاعتراف بوجود تلك المشكلات والعمل من خلال دراسات فردية واستبيانات لمعرفة حجمها والمرحلة التي وصلت إليها في مجتمعنا.وفيما يؤكد بركات وجود العديد من الدراسات، يشير إلى مشكلة أخرى تتمثل في عدم إشهار البيانات وعدم وجود جهات اختصاصية تتبنى الموضوع وإن كانت البداية الحقيقية بجهود فردية والمؤتمر الأول لرعاية الطفولة في حلب والذي مهد لمؤتمر آخر عقد بعده بثمانية أشهر.

- "فوق الموتة عصة قبر"
تؤكد الدراسات أن الصدمة التي يتعرض لها الطفل بعد الكشف عن حالة الاعتداء وطريقة استجوابه وفحصه تكون أشد من الصدمة الأولى عندما يقع الاعتداء نفسه، لذلك يجب أن يتم التعامل مع الطفل بطريقة علمية ومنهجية مدروسة. وفي هذا السياق يرى بسام القاضي مدير مرصد نساء سورية في حادثة خولة فرصة أليمة، لكن كان يجب استغلالها لإصلاح الأساس الخاطئ للتعامل مع قضية العنف الجنسي ضد الأطفال من خلال إحداث محاكم خاصة بالأطفال لها محاميها وقضاتها وشكلها وشروط لمن يسمح لهم بالدخول إليها، لا أن يوضع الطفل الضحية في نفس المكان مع المجرمين والقاتلين ويعامل معاملة الراشدين ويوافق بركات على أن النظام المتبع للتعامل مع هذه القضايا يعاني قصوراً شديداً فالنظام القضائي ليس لديه خبراء اجتماعيون ونفسيون، وليس هناك قاض متخصِّص في مواضيع الأسرة، كما هي الحال بالنسبة إلى قضاة العقوبات والجنايات والأحداث. كما يجب أن تتحمَّل كلُّ جهة مسؤولياتها، ابتداء من الأهل، من خلال توعيتهم وتعليمهم كيفية التعاطي مع أطفالهم والبدء في إدخال التربية الجنسية ضمن المواد الدراسية كافة، كل واحدة بحسب اختصاصها، إن كان في الدين أم العلوم أم التربية، وأن يتمَّ- مثلاً- تعليم الدراسات التي تتحدَّث عن عوامل الخطر التي تزيد من احتمال تعرُّض الأطفال لاعتداء جنسي، إلى جانب تفعيل دور مؤسسات المجتمع الأهلي التي نفتقد نشاطها.
- عشق الأطفال
نسبة قليلة إذاً من تلك الحوادث تصل إلى الإعلام، وما خفي كان أعظم، لذلك قد لا تكون الأولوية في البحث في تفاصيل الرقم على يمين الفاصلة، بل يجب البدء بالبحث في الإجراءات القانونية والتربوية والإعلامية التي يمكن أن تتخذ للحد من هذه الظاهرة أو على الأقل معالجتها بطريقة مجدية بعد وقوعها. بركات رأى أن القانون الذي يحكم هذا النوع من الجرائم صارم وقوي مقارنة بالقوانين الغربية، حتى إنه يشدد العقوبة عندما يكون الجاني من ذوي السلطة أو الرعاية بالنسبة للطفل، لذلك فإن القانون ليس المشكلة وتطبيقه وحده ليس الحل، سيما أن الفاعل في كثير من الأحيان يكون مريضاً بما يسمى «عشق الأطفال» وهو مرض مثبت علمياً والأمل في الشفاء منه منخفض جداً، لذلك فإن نسبة قليلة ممن يقدمون على هذا الجرم يفكرون بالقانون كرادع. أما النسبة الأكبر من الجناة، فلا يهمهم القانون على الإطلاق. وتختلف شماط مع بركات بأن القانون بصيغته الحالية كاف، ففي كل دول العالم تكون مثل هذه الحوادث مؤشراً للجهاز القانوني بأنه يفترض أن يتغير كما حدث في مصر مثلاُ، حيث اعتبر المشرع المصري جريمة الخطف والاغتصاب جريمة تستحق الإعدام ولفتت شماط إلى وجود ثغرة مهمة في قانون العقوبات تتمثل في التمييز بين أعمار الأطفال الذين تم الاعتداء عليهم. فإذا كانت الضحية تحت سن الـ 13 تكون عقوبة المعتدي أكبر، وهذا الكلام غير منطقي؛ فما دامت الضحية تحت سن الـ18 يجب ان تعامل الضحية معاملة الطفل وتكون عقوبة المعتدي الإعدام؛ فهو يترقب أول ضحية ويخطط عن سابق إصرار وترصد.

- إعلام بالألوان
الاستغلال الجنسي للأطفال ظاهرة خطرة نتَّفق جميعاً على بشاعتها وخطورتها، لكنها تبقى إحدى المحرَّمات الكثيرة التي يمنع على المجتمع- وأحياناً على الإعلام- التطرُّق إليها، وحتى عندما يتجرَّأ الإعلام على تناول مثل هذا الموضوع، تكون النتيجة أحد أمرين: خبر بسيط في صفحة الحوادث مع عنوان مثير يجذب أكبر عدد ممكن من القرَّاء، أو محاولة فعلية لرصد القضية بكلِّ جوانبها وأبعادها، لكنها تصطدم بعدة حواجز؛ منها عدم وجود دراسات وعدم وجود أرقام، وعدم تعاون الجهات المعنية، والأهم ثقافة الخوف والتستُّر.. وحول التغطية الإعلامية لظاهرة الاستغلال الجنسي للأطفال، يرى بسام القاضي، مدير مرصد نساء سورية، أنَّ مجرد اهتمام الإعلام بمثل هذه الحوادث وتسليط الضوء عليها وجرأته في الحديث عنها بصراحة ووضوح، تعدُّ خطوة إيجابية جديدة، لكن الجزء السلبي يكمن في أنَّ قضية من هذا النوع يفترض أن يكون التعامل معها أكثر وعياً، ومعالجتها يجب أن تكون على أساس أنها قضية مجتمعية، مصلحة الطفل فيها فوق كل شيء، وليس مجرد خبر على طريقة الصحافة الصفراء يتمُّ التركيز فيها على التفاصيل المثيرة وإهمال جوانب أخرى مهمة، لأنَّ هذا التعاطي يؤدِّي إلى ردة فعل سلبية تتمثَّل في الخوف المبالغ فيه من قبل الأهل. ذلك ان قصة خولة فضحت العديد من القصص المشابهة المستورة، ولا يجب ان ننتظر وقوع مثل هذه المأساة حتى يتحرك الإعلام ويوافق بركات على التزايد الملحوظ للتعاطي الإعلامي مع هذه القضايا، بدءاً منذ العام 2002، حتى إنَّ الأخبار التي تنشرها الصحف الرسمية حولها ازدادت، وهذا مؤشر جيد لأنه يرفع الوعي، لكن المطلوب هو وجود تخطيط للنشاط الإعلامي واستثماره على شكل حملات توعية حتى تساعد على تلقِّي الخبر وفهمه والاستفادة منه بالطريقة الصحيحة.
ميس محمد - جريدة بلدنا

http://www.orient-tv.net/index.php?page=program&id=92

حكاية سورية - ويكيبيديا.....

حكاية سورية
لعله من أهم البرامج ، فهو برنامج تجاوز تلقزيون المشرق فيه كثيرا من الخطوط التي كان يظن أنها خطوط حمراء رسمت منذ بداية الستينات، اذ تدور حلقات البرنامج حول الخصوصية السورية في مواضيع حياتية كالموضة والفن التشكيلي والصناعات والخمر والجنس والتبغ وغيرها، أما المواضيع الأهم فهي دخوله واستكشافه فسيفساء المجتمع السوري وتسليطه الضوء على الاثنيات العرقية والطوائف الدينية، بحيادية وبساطة مطلقه، نحو تعريف الآخر بمن يعيش معه أو يجاوره ويتشارك معه في الأفراح والأتراح والهموم الوطنية، في زمن تسود المنطقة كثيرا من النزاعات والتشكيك بولاء الآخر للوطن، وكأن بالقائمين عليه قد أخذو مقولة المفكر والكاتب لطفي السيد "من جهل شيئا عاداه" أو مقولة "الانسان عدو مايجهل"، فتم تسليط الأضواء لرفع الجهل وتكسير العداوة بين شركاء الوطن، فكشفوا عن تفاصيل متنوعة في عمومها وخصوصها لـ الأرمن والشركس والتركمان والأشوريين واليزيديين ولايزال البرنامج مستمرا.

المشرق»... حكاية سورية بامتياز

وسط 370 فضائية عربية تبّث عبر قمر الـ «nile sat»، سطع نجم قناة «المشرق» أو الـ «orient tv» الفضائية السورية، في الثاني من شهر فبراير الماضي، لتحقق حضوراً قوياً في الشارع السوري تحديداً والعربي عامةً. وفي سابقة أولى من نوعها دأبت فضائية «المشرق» على مواصلة البث منذ اليوم الأول على مدار الأربع وعشرين ساعة، ودون الحاجة الى المرور في مرحلة البث التجريبي. قناة «المشرق» لصاحبها محمد غسان عبود، القادم الى الاعلام من عالم ادارة الأعمال، والتي تبثّ من دبي، قدّمت صورة مغايرة للفضائيات السورية انطلاقاً من هويتها البصرية وتصاميمها الغرافيكية، وصولاً الى برامجها الشابة، التي طرحت صورة حضارية عن سورية، وحقّقت قفزة في عالم الاعلام السوري المرئي الخاص، موفّرة اطلالة جديدة على المشهد السوري. وعلى الرغم من الانطباع الذي تكوَّن لدى البعض أن المادة التي تقدمها القناة تتماهى مع عصر الوجبة الخفيفة، الا ان البعد الثقافي حاضر بقوة في برامجها. «اللوك الجديد» الذي أطلقه تلفزيون «المشرق» أثار نقاشاً واسعاً في الشارع العربي، وكان الاعتماد على الوجوه الشابة السورية والتي في معظمها الساحق تطل للمرة الأولى على الساحة الاعلامية، كفيل باضفاء روح متجددة على البرامج في محاولة للتخلص من التكلّس، والنبش في عمق حياة الناس، والتعبير عن نبض الجدل الثقافي في الشارع العربي عبر برامج للمشاهير والنساء والمثقفين والشباب. سياسة المشرق «المشرق» الليبرالية، فضائية تحب وتقدس فلسفة الحياة وتهدف الى نشرها، وتستهدف شرائح اجتماعية منوعة متعددة ثقافياً على المقاييس كافة اذ ان تلفزيون المشرق أطلق كاميراته واعلامييه في كل جغرافية الأراضي السورية، ودخل في زوايا المجتمع السوري بما فيها الزوايا الضيقة والخطرة والتي لطالما صنفّها المراقبون لمسيرة النظام والحكومات السورية المتعاقبة على أنها خطوط حمراء، فقدم وجها عن المجتمع والنظام والحكومات السورية غير الوجوه المنمّطة التي وضع فيها!. وبذلك تمكنت شاشة «المشرق» من اسقاط الكثير من المقولات أن الحكومات السورية تضيّق الخناق على الاعلام السوري الخاص، وظهرت صورة المواطن السوري بأطيافه كافة كصورة جميلة عكست واقعاً مغايراً لما كانت تقدمه القنوات الأخرى. ويمكن القول أن علاقة فضائية «المشرق» بالجمهورية العربية السورية أشبه بعلاقة قناة «العربية» مع المملكة العربية السعودية وشاشة «الجزيرة» مع قطر.تلفزيون المشرق لم يدخل في سرداب الحراك السياسي في سورية، لكنه أيضا لم يقدم نفسه كبوق لاسطوانات مشروخة تعتمد على لغة الخطابة والتوجيه، اذ انه لعب على هامش دقيق، منتقداً في بعض برامجه وأخباره الأداء الحكومي بمهنية تبتعد عن الضجيج وتبني المواقف المعلبة، مقدما صورة للحراك الحياتي الاجتماعي والاقتصادي والثقافي بكل ما له وما عليه من ايجابيات وسلبيات. ولعل من أهم الخدمات التي قدمها مشروع تلفزيون المشرق أيضا، أنه بدأ يخلق جيلا من الشباب السوريين المهنيين العاملين في مجال الاعلام التلفزيوني، سواء في الجوانب الفنية والهندسية أو في الجوانب التحريرية والاعلامية والبرامجية. 20 برنامجاً ترضي الأذواق كافة بدأ تلفزيون المشرق دورته البرامجية الأولى بثلاث نشرات اخبارية، انطلاقاً من نشرة «هنا سورية» المدعّمة بتقارير اخبارية يومية تُعنى برصد ظواهر وأحداث اجتماعية بلغة بسيطة وكاميرا حاضرة في كل مكان، معتمدة على شباب تلتقط عيونهم الغرابة والجمال.. وبحسب تصريح لسهير الذهبي، المشرفة على التقارير الاخبارية في نشرة «هنا سورية» فانَّ اعتمادهم الأول يقوم على اندفاع الشباب وعلى صفاء عقولهم، ولا تقتصر التقارير على دمشق انما تمتدُّ لتشمل معظم المحافظات السورية مع 10 مراسلين يرصدون ما يحدث في بقية المدن السورية. الى ذلك ظهرت نشرة الساعة الرابعة من استوديوهات التلفزيون في القاهرة، وهذه ذات طابع اخباري دولي عربي، أما النشرة الثالثة فيتمّ بثّها من استوديوهات التلفزيون من مؤسسة لايف بوينت للانتاج التلفزيوني بدبي والتي تعود ملكيتها لمالك التلفزيون نفسه، وهذه النشرة أيضا ذات محتوى دولي عربي. برامج خارج التأطير مع تغليب البرامج الشبابية الخارجة من اطار الاستديوهات، تبدو القناة مُصرَّة على اظهار مجتمع سوري بطريقة أقرب الى رصد الواقع. وتحت هذا العنوان اختارت القناة مجموعة من البرامج المسجلة خارج الاستوديو، والتي استخدمت فيها مهارات عدة كالديكودراما واللعب على العوالم اللونية وغيرها. وسنأتي على ذكرها في الأسطر التالية: حكاية سورية بعيداً عن السياسة يقدّم تلفزيون «المشرق» برنامج «حكاية سورية» الذي شهد تجاوزات للكثير من الخطوط الحمراء المرسومة منذ بداية الستينات، اذ تدور حلقات البرنامج حول الخصوصية السورية في مواضيع حياتية كالموضة والفن التشكيلي والصناعات والخمر والجنس والتبغ وغيرها من الموضوعات، وأهم انجازاته هو دخوله واستكشافه لفسيفساء المجتمع السوري، وتسليطه الضوء على الاثنيات العرقية والطوائف الدينية (الأرمن، الشركس، التركمان، الأشوريين، اليزيديين...)، بحيادية وبساطة مطلقة، ما أسهم بشكل فعّال في رفع الجهل وتكسير العداوة بين شركاء الوطن. «حكاية سورية» برنامج لافت من اعداد راما جرمقاني واخراج آمن العرند. •AM STORY أو «حكايا الليل» برنامج يدور عن خصوصية المهن الليلية لماريا شحادة ويتناول جوانب خفية تتعلق بهذه المهن كالراقص وحفظ الأمن والاسعاف والمراقبة الجمركية والتنظيفات وغيرها من المهن... • «نقطة من أول السطر» برنامج يسلّط الضوء على حدث ما، شكَّل حداً فاصلاً في حياة أحد الأشخاص وأدى الى قلب موازين حياته رأساً على عقب. • «الهوا شمالي» برنامج يظهر المنطقة الشمالية في سورية وطريقة حياة الناس فيها خصوصا أنها عاشت عقوداً عدة بعيداً عن الأضواء. • «جيم اوفر» gym over وتعتبر كل حلقة تلفزيونية من هذا البرنامج عبارة عن فيلم توثيقي يعيد الى الذاكرة نجوم الرياضة السورية الذين رفعوا اسم بلدهم في جميع الميادين الرياضية وغافلهم النسيان لكن انجازاتهم ما تزال حاضرة. • «أوتوغراف» هو البرنامج الوحيد الذي خرج فيه القائمون على تلفزيون «المشرق» من الحدود السورية الى الفضاء العربي، وهو عبارة عن استعراض سيرة شخصية تركت أثرا في المجتمع العربي، ليضيء على بواطن هذه الشخصيات. • «حياة الآخرين» برنامج مسابقات للينا العبد يعتمد على الطرفة في فكرة تبادل الأدوار ووضع المتسابقين في أماكن غير مألوفة لتتولد المفارقات والمرح واللعب. برامج سياحية وتجدر الاشارة الى أن معظم برامج تلفزيون «المشرق» تعتبر من بعيد أو قريب حالة اكتشاف كما للمجتمع السوري كذلك للجغرافية السورية وبالتالي بطريقة أو بأخرى هي برامج تكشف عن كنوز السياحة في سورية، لكن البرامج الثلاثة التالية هي برامج اكتشاف سياحي بحت، وهي: • «مقامات الشام» هذا البرنامج ما هو الا رصد توثيقي وتحليلي اجتماعي وسياحي وتاريخي لعظماء العالم الاسلامي ممن دفنوا في أرض سورية الواسعة، فهو برنامج يكشف أن في سورية امكانية لاستثمار السياحة الدينية لديها. • «DISCOVER SYRIA / اكتشف سورية» برنامج لرنا الصوا يوفّر اكتشافاً جغرافياً سياحياً للطبيعة المتنوعة في سورية من الجبال المكسوة بالثلوج، الى الصحراء والوديان والأنهار... شبان وفتيات على شكل مجموعات يعيدون استكشاف سورية بمغاورها، سيراً على الأقدام وتوثيقها بشكل موضوعي ودون ورتوش. • «نايت لايف» برنامج لعبدو مدخنة، يصور حياة الليل والسهرات الصاخبة، لكنّه يهدف الى تقديم صورة «سياحية» للبلد، نائياً عن هموم الواقع الحقيقية. البرنامج يعتبر تصويرا حيا لأجواء السهر والاحتفال في سورية. وتعرض «المشرق» فيلمين أجنبيين، يومي الثلاثاء والخميس، وتعاود اكتشاف الأرشيف السينمائي السوري، فتقدّم خمسة أفلام سوريّة أسبوعياً، لحفظ الذاكرة. وللدراما حصة طبعاً، لكنّ «المشرق» لا تقترح دراما منافسة، بل تعرض مسلسلات تعود الى سنتين. Ladies firstومن برامج المحطة الخاصة، «النساء أولاً» Ladies first الذي تقدّمه الممثلة ديمة بياعة، والكاتبة سمر يزبك، ومصممة الأزياء هلا جرجورة، ومهندس الديكور لؤي مردم بك.البرنامج الذي ينتمي الى الـ «توك شو» يتناول مواضيع مختلفة، لكنّ طابع التسلية يغلب عليه. وهو برنامج يهتم بقضايا المرأة السورية، ربات البيوت والصالونات تحديدا. • أما «أضواء المدينة» فهو من اعداد وتقديم الكاتبة ديمة ونوس، يحاور في كل حلقة شخصية ثقافية. أضواء المدينة برنامج يركز على قضايا الحراك الثقافي في الساحة الثقافية السورية. • «ان أوت» برنامج يهتم في تقديم النشاطات الفنية السورية (غناء، مسرح، سينما، دراما، معارض نحت وفن تشكيلي وأزياء، ومهرجانات... الخ). • «ع هوانا» للشباب السوري وتطلعاتهم واهتماماتهم وقضاياهم كان لهم هذا البرنامج. • «على حد قولهم» هو برنامج يسلط الضوء على القضايا السياسية العربية فيما وراء الخبر السياسي اليومي. • «اقتصاد المشرق» برنامج اقتصادي له شكل مميز فهو كناية عن مرآة عكست واقع الاقتصاد السوري الذي تعتبر فيه اقتصاديات الظل هي الاقتصاديات ذات الطيف الأوسع، فاهتم البرنامج بهذا الاقتصاد «التراثي» المتخلف العصي على الاصلاح والتطور حتى اليوم، والبعيد عن العصرنة، وانما اقتصاد «العصرونية»، كما قُدِّمت فيه جوانب صناعية تجارية مؤسساتية خاصة وحكومية كانت خفية وغير معروفة، ولم ينسَ البرنامج أن يقدم بورصة للمنتجات والمستوردات السورية. لم تعتمد هذه البرامج على التصوير الممل داخل الاستديو فقط وانما كل هذه البرامج اعتمد فيها التقارير الخارجية لكي تبعد المشاهد عن الملل. • «سوبر برس» يعتبر من البرامج الجديدة كليا على الفضائيات العربية. هذا البرنامج يقيم ويبحث في تغطية وسائل الاعلام للقضايا والمشاكل التي تطرأ على المجتمع السوري، ومن خلالها يتطرق الى الأداء الحكومي بايجابياته وسلبياته. وجوه تميزت قناة «المشرق» الفضائية بظهور وجوه اعلامية سورية أثبتت كفاءتها المهنية بسرعة ملحوظة، والمثير للانتباه أنه في غضون الأشهر الأربعة المنصرمة التي مضت على انطلاقة القناة تمكنّت وجوه الـ «أورينت تي في» من أن تحجز لها مكانة كبرى في قلوب المشاهدين العرب، اذ رغم قصر الفترة الزمنية التي عرف الناس خلالها مذيعو «المشرق»، فقد باتوا نجوماً لامعين في الفضاء الاعلامي، يشار اليهم بالبنان، وهذا ان دلّ على شيء فانما يدلّ على تميز الأداء الاعلامي لتلك الأسماء وتألق البرامج التي يطلّون من خلالها

بلغة عربية ركيكة.. سيدة روسية تنصح مواطنا سوريا برشوة شرطي المرور!!!

عندما كان أحد سائقي السرافيس الذي يعمل على خط جرمانا باب توما عائداً من رحلته للمرة الألف في ذلك اليوم و بالتحديد عند تقاطع مخيم جرمانا قام هذا السائق" الهلكان " بمخالفة بسيطة كي يصل أسرع من زميله الذي أمامه مما لفت انتباه شرطي المرور وهم بمخالفة السائق!!..
إلى هنا و القصة تبدو طبيعية جداً بل تدل على حرص الشرطي في تطبيقه للنظام و على تجاوزات السائقين الذين يحملون جزءاً كبيراً من مسؤولية تخلف المرور عندنا . لكن المضحك المبكي في الموضوع أن أحد ركاب ذلك السيرفيس كان سيدة روسية تتكلم عربية ركيكة و من خوفها الشديد أن تتأخر عن أعمالها صرخت بصوت مرتفع "أتي خامسا و إيشرين بيمشي إيلهال !!" أي" عطي 25 بيمشي الحال"..
راما الجرمقاني

جولة يوم واحد في دمشق تؤكد أننا " نستمتع" بالمخالفة!... أي مخالفة!!!!

كثيراً ما نستعمل كلمة "مخالفة" للتعبير عن استيائنا من موقف حصل معنا وكنا المظلومين فيه، جاعلين من هذه الكلمات دليل إدانة نثبت به التهمة على الطرف الآخر، دون التفكير بأننا نرتكب "المخالفات" يومياً، بل أننا اعتدنا بعضها لتحل مكان النظام الأصلي، وتصبح بمثابة قاعدةٍ جديدة فصلناها حسب رغبتنا، وبما يتلاءم مع راحتنا، بغض النظر عن نوع هذه "المخالفات" وحجمها وطريقة ممارستنا لها و حجم الضرر الناتج عنها، و التي تبدأ من عدم التقيد باللباس المدرسي النظامي، انتهاءً إلى أكبر مخالفة لمعمل أو منشأة صناعية قد تسبب أضراراً بالغة، مروراً بالمخالفات المرورية، وعدم التقيد بالمواعيد و نظام العمل...إلخ. وقد نستغرب من أنفسنا أحياناً، أننا نرتكب "المخالفات" ونحن نعيها تماماً، ونعترف بها غالباً، ونقوم بها مع "سابق إصرار و تصميم" في معظم الأوقات، محاولين إبعاد فكرة الضرر و الظلم الذي قد نلحقه بالآخرين من وراء هذه "التجاوزات" "التافهة" في نظر بعضنا، محملين مسؤولية أخطائنا للرقابة النائمة عنا، بمختلف أشكالها، ونجرب "تسكين" ضميرنا بعبارة "يروح يشتكي" و "القانون يأخذ له حقه". أشكالُ كثيرة لـ"المخالفات" اليومية حاولنا رصد بعضها، لعلنا نجد سبباً مقنعاً يفسر لنا عدم "حبنا" للنظام، وسعينا الدائم من أجل الهروب منه أو الالتفاف عليه كلما استطعنا ذلك، و مع ذلك حاولنا السير ليوم واحد في دمشق و مثل كل سكان المدينة لنكتشف عدد من القصص "المخالفة" للقانون حتى بدات كأنها ..طبيعية في حياتنا. نخالف لنكسب الوقت طالما لا أحد يمنعنا لم نجد مكاناً أفضل من جسر المشاة "المهجور" في "الزاهرة" كمثالٍ حي على المخالفات التي يرتكبها الناس أثناء عبورهم الطريق لنبدأ منه قصتنا مع التجاوزات. وعلى بعد مترين من الجسر، لا أكثر، كان "رفيق " وصديقه يقفان على الرصيف وسط الجو البارد استعداداً لعبور الشارع، تاركين جسر المشاة بمفرده، ينتظر أحد المارة ليساعده في أداء مهمته، التي أوجدته قواعد نظام السير من أجلها، لم نستطع التحدث مع صديقه لأنه تمكن من العبور قبل قدوم سيارةٍ مسرعة منعت "رفيق" من اللحاق بالشاب، وأتاحت لنا فرصة سؤاله عن السبب الذي منعه من صعود جسر المشاة و عبور الشارع عن طريقه حسب النظام. أخبرنا "رفيق" ودون تفكير بعد سؤالنا له مباشرةً أنه طالما ليس هناك أحد يخالفه أو يراقبه فلماذا عليه صعود الجسر و إضاعة الوقت؟ وأضاف أن الطريق ليس خطراً جداً في هذه المنطقة و السيارات عادةً لا تكون سرعتها عالية مما يتيح لهم، في أغلب الأوقات، مروراً سليماً، كما أن الرصيف الذي يوجد في منتصف الطريق غير مرتفع و ليس مزروعاً بأكمله لذلك يمكن المرور من فوقه بسهولة، ويعلق قائلاً قبل تركه لنا ليعبر الشارع " لو أن الحكومة وفرت تكاليف هذا الجسر كان أفضل، فوجوده و عدم وجوده واحد، وأنا لم أر أحداً قام بصعوده إلا فيما ندر منذ بنائه". حالة جسر المشاة في "الزاهرة" لا تختلف كثيراً عن نفق المشاة أمام كلية الآداب في اتوستراد المزة، حيث أن ازدحام الطلاب في النفق أمام المكتبات الموجودة فيه، و الذي يصل عددهم إلى المئات، يدفع عددا من الطلاب إلى عبور الاتوستراد قفزاً من فوق الشبك الفاصل بين السيارات الذاهبة و القادمة، حسب ما أخبرتنا "لينا" التي أكدت أنها قامت بعبور الاتوستراد بهذه الطريقة أكثر من مرة حتى تلحق بدوامها في الجامعة بعد أن علقت لأكثر من نصف ساعة في النفق، وأنها أحياناً تضطر إلى ركوب "تاكسي" ينقلها إلى الطرف الآخر من الاتوستراد، وأضافت "لينا" أنها تعلم بأنها تقوم بارتكاب مخالفة و أن الشرطي أمام الكلية قد وبخها مرة لذلك، ولكنها تضطر لمخالفة النظام بسبب عدم وجود نظام في النفق فالحل يكون بفرض نظام داخل النفق ليتم التقيد بالنظام خارجاً. الرشوة طريقة للتهرب من المساءلة بعد أن تركنا "لينا" تابعنا سيراً على اتوستراد المزة ليلفت نظرنا مخالفةُ من نوعٍ آخر، أثناء قيامنا بعبور الشارع بعد إغلاق الإشارة، حيث وقفت معظم السيارات في الصف الأمامي لـ"الرتل" الطويل أمام الإشارة مما منع سائقي تلك السيارات من رؤية تحول لون الإشارة إيذاناً بالتقدم و العبور، وفتح ذلك سيمفونيةً من أصوات الزمامير تطلب من سائقي الصف الأمامي التحرك، كونهم توقفوا بعد الإشارة، و على ممر المشاة تماما، الأمر الذي تغاضى عنه شرطي المرور، و الذي تكرر على أغلب الإشارات على طول الاتوستراد، و الذي يتكرر يومياً آلاف المرات أيضا، حسب ما أخبرنا أبو وليد سائق التاكسي الذي صعدنا معه، إذ رأى أن سبب هذه الظاهرة يعود إلى السرعة العالية،خاصةً على الاتوستراد، و التي قد تمنع بعض السائقين من التوقف في المكان المخصص، وأضاف الرجل بشيءٍ من التهكم أن كلمة "نظام" أصبحت كلمة قديمة، ولم يعد أحد يستخدمها، طالما هناك "رشوة و إكراميات" تدفع لشرطة المرور، فلن يخالف السائق بحياته، وتساءل أبو وليد عن السبب الذي يدفع الناس دائماً لرؤية السائق المخالف فقط، دون الأخذ بعين الاعتبار المواطن الذي يسير في الشارع، و أنه هل حصل و سٌئل هذا المواطن عن السبب الذي يمنعه من العبور من المكان أو المسار المخصص للمشاة. بعد أن وصلنا إلى ساحة الأمويين طلب السائق مبلغ /75/ ل.س أجرة "مشوارنا"، الذي لا يمكن أن يتجاوز الـ/50/ ل.س، و عند سؤالنا عن العداد أجاب أنه لا يملك عدادا، و بعد جدلٍ طويل وتهديدٍ من قبلنا بأننا سنبلغ عنه لأنه "مخالف"، أخذ الرجل /50/ ل.س، و هو على يقين بأننا لن نبلغ عنه، و إننا لم نقم بأخذ رقم سيارته ، مما قد يدفعه لارتكاب المخالفة مرة ثانية و ثالثة، طالما ليس من أحد يرده، أو يوقفه عند حده، خاصةً و أنه قد اعتاد الالتفاف على القانون حسب ما أخبرنا. قررنا بعد الجدل الطويل مع سائق التاكسي عدم صعود تاكسي ثانيةً وأن نستقل " السيرفيس" المحدد التعرفة، سواء كان يملك عداداً أم لم يملك. القيادة على الرصيف و رمي الأوساخ من الشباك أحدثها! تابعنا سيراً باتجاه كلية التجارة لنجد الأرصفة على طول الطريق، ابتداءً من الرصيف أمام المعهد الهندسي وصولاً إلى مفرق التجارة، قد تحولت إلى "باركينج" مجاني لسيارات الطلاب و سكان المنطقة، ليسجل هذا المنظر مخالفةً جديدة في سجل المخالفات التي رصدناها في ساعاتٍ قليلة من يومٍ عادي، ولكن لم تقف المخالفات عند هذا الحد، إذ قام " السيرفيس" الذي ركبناه بالصعود على الرصيف و السير عليه و صولاً إلى "كراجات داريا و جرمانا" في منطقة البرامكة، تداركاً للازدحام الشديد في تلك المنطقة، الأمر الذي قد يعتقده البعض نوعاً من المبالغة، إلا أن هذا يحصل في كثير من الأحيان بالفعل دون أن نعيره أي اهتمام. وأثناء مشوارنا، الذي اعتقدنا أنه الأخير، قام رجل يجلس بجانب الشباك بفتح الشباك و رمي منديل ورقي من خلاله، المشهد الذي يتكرر معنا دائماً أينما ذهبنا، وليس في هذا "السيرفيس" فقط، فطلبنا من الرجل إعطاءنا المنديل لنتخلص منه عند نزولنا، محاولين بذلك إحراجه للتراجع عن فعلته، إلا أنه أصر على فتح الشباك و رمي المنديل ليعرفنا على نفسه بعد ذلك، بأنه محامٍ، وأنه قام برمي المنديل من الشباك، مخالفاً قناعاته حسب ما أخبرنا، لأنه أخذ على نفسه عهد برمي الأوساخ في الشارع بعد أن رأى شرطي مرور، ركب معه مرةً في أحد "السرافيس"، يرمي كأس شاي بلاستيكي كان بيده من الشباك، فقرر منذ ذلك اليوم أن يخالف النظام و قواعد النظافة، التي خالفها من يجب أن يكون القدوة لنا في تطبيق النظام، و أن يعاقبنا إذا خالفناه. لم نعرف إذا ما كان علينا أن نعذر الرجل أم نؤنبه على فعلته وقراره، الذي اتخذه نتيجة رؤية حالةٍ سيئة، و هل كان علينا أن نشرح له أن الاستثناء ليس بقاعدة، لكن رمي فتاة صعدت معنا حديثاً لورقة داخل "السيرفيس" لأن الشباك لم يفتح معها، أكد لنا أن الخلل أصبح فينا جميعاً، و أن ما رآه الرجل لم يكن حالةً استثنائية، بل أنها للأسف أصبحت الثقافة السائدة عند معظمنا. "الإفلات من الرقابة شطارة" لم تنته "المخالفات" التي اعتدناها ولم نعد نشعر أننا نخالف النظام و القانون بقيامنا بها، عند حدود المخالفات المرورية أو القيادة دون عداد ، أو حتى رمي الأوساخ فهناك مخالفات أكبر من ذلك أصبح مرتكبوها يعتبرون قيامهم بها "شطارة" لا مثيل لها، كسائق التاكسي أبو محمد الذي ركبنا معه في حي باب توما، و الذي كان يشغل سيارته على الغاز مع أن ذلك ممنوع، ولم يكتف أبو محمد بهذا فقط بل أنه حين اقترب من شرطي المرور عند الإشارة، أصبح يوقف السيارة و يعيد تشغيلها مع كل نصف متر نتحركه إلى الأمام كل خمس دقائق، بسبب الازدحام، كي لا يشم شرطي المرور رائحة الغاز و يسطر له مخالفة، و أخبرنا الرجل بلهجة "البطل" أنه يقوم بتسيير سيارته على الغاز منذ مدة و لم يستطع أحد من عناصر الشرطة الإمساك به، و أنه يستخدم الغاز لأنه أرخص، و أنه لم يعد يستطيع تحمل نفقات "البنزين"، و لم يعبأ الرجل بحالة الصداع التي انتابتنا نتيجة رائحة الغاز المتسربة، ولم يهتم للتلوث الذي يلحقه بالبيئة، حتى أنه أخذ أجرته كما لو أن سيارته تعمل على "البنزين" دون أي تقدير أو احترام للنظام و القانون. وأثناء روايتنا لما حصدناه من "مخالفاتٍ" يقوم بها الناس في يومٍ واحد، قالت أم ميشيل "متباهية" بأنها تقوم يومياً برش الحارة بالماء مع أنها تعرف أن هذا مخالف، و أن الجيران قد اشتكوا عليها للبلدية أكثر من مرة، ولكنها تعتبر أنها تجنب بعملها هذا الحارة من الغبار، متناسيةً أنها تجعل الحارة مليئة بالطين صيفاً شتاءً، كما أنها تستخدم الماء كوسيلة لتمنع الأطفال من اللعب أمام منزلها. أما ربيع الذي التقيناه في بقاليته في جرمانا رأى أنه قام بمخالفة القانون لا شعورياً عندما بدأ يفرد بضاعته بشكلٍ متواضع على الرصيف أمام المحل، ولكنه عندما لم يتلق أية مخالفة من أي جهة، بدأ بفرد البضاعة علناً، مجبراً الناس على النزول من على الرصيف أمام دكانه، و المرور إلى جانب السيارات. هنا تدخل أحد الزبائن الذي كان عنده ليخبرنا أنه يتضايق كثيراً من البسطات الممتدة على الأرصفة، خاصةً إذا كان يسير مع أطفاله، لأنه سيضطر إلى النزول عن الرصيف و تعريض أطفاله لخطر السيارات، و لكنه اعتاد هذا الأمر، حتى أنه أصبح يحضر نفسه و أطفاله، أثناء السير على الرصيف ليقول لهم ،هنا سننزل، هنا سنصعد هكذا على طول الطريق. "الشكر حفزني على عدم المخالفة" أما رندة، التي كانت تنتقي الفاكهة في المحل، أخبرتنا أنها لم تخالف ولا مرة في حياتها، وأنها في مرة كانت على وشك ارتكاب مخالفة برمي كيس القمامة إلى جانب الحاوية و ليس في داخلها، ولكنها عدلت عن رأيها و وضعت الكيس داخل الحاوية، لتفاجأ بصوت شخص عرفها عن نفسه أنه رئيس البلدية يشكرها على تقيدها بالنظام، و لأنها ترمي القمامة في المكان المخصص لها، فمنذ ذلك الوقت و هي تسير على النظام بكل تفاصيله، لأنها اكتشفت، حسب ما أخبرتنا، أن تطبيق النظام و عدم تطبيقه، يتطلبان الوقت و الجهد ذاته فلماذا نخالف؟. وتتابع السيدة حديثها لتقول لنا "لا تعتقدوا أنني أقول هذا لأنني أتحدث للصحافة، ولكنني بالفعل لا أخالف، و امنع أولادي، بل و أعاقبهم إذا ارتكبوا أي منها، ولكنني أعتقد أن الشكر الذي تلقيته قد أعطاني دفعاً معنوياً كبيراً، وكان له الأثر الأكبر في عدم ارتكابي المخالفات"، وتضيف رندة أن لو معظم المسؤولين في بلادنا قاموا بما فعله معها رئيس البلدية، والذي جاء مروره مؤكد بالصدفة، حسب قولها، لربما كان هذا تشجيع أكبر للمواطنين للتقيد بالنظام، لعل هذا قد يصلح الحالة قليلاً، خاصةً و أن علم النفس يؤكد على أن أثر الثواب أقوى من أثر العقاب، حتى ولو كان هذا الثواب معنوي، مشيرةً إلى أنه ليس من الضرر أن يتم تخصيص جائزة رمزية على مستوى البلدية أو حتى المدرسة، للطالب المثالي، أو المواطن المثالي. بعد مشوار طويل مع المخالفات التي نعيشها يومياً، والتي أصبحت جزءاً منا، ورصدٍ لحالاتٍ لا تعبر سوى عن جزءٍ صغير من الواقع، لم نعد نستطيع التفريق فيما إذا كانت هذه الأمور التي نقوم بها في كافة مجالات حياتنا اليومية، مخالفة للقانون أم تطبيقاً له، كما أننا لم نقدر حصر ارتكابها بثقافةٍ معينة، أو فئة محددة من الناس. ولم نستطيع التوصل إلى معرفة من هو المسؤول عن هذه المخالفات، أو أن نتمكن من تحميل المسؤولية كاملة إلى طرفٍ معين، سواء كان الرقابة الغائبة على كافة الأصعدة، و التي ترتكب هي نفسها الكثير من المخالفات، عن طريق غض النظر أو التراخي في المراقبة، أو أن نحمل المواطن الجزء الأكبر من المسؤولية ، بسبب تراخيه و إهماله، ومحاولته إعلان مخالفته للقواعد و الأنظمة بشكلٍ علني، و التباهي بها، حتى دفع البعض أن يعتقد "أننا شعب هوايتنا مخالفة النظام، و أنه لو كان النظام هو العمل بعكس القواعد و القوانين، لكنا طبقنا القواعد و القوانين بحذافيرها دون أن نعمل بعكسها".


راما الجرمقاني